والمحدث لا يكون مثل القديم ، فإذا هو المسموع (١) انما هو خبر عن كلام الله ، فما أنكرتم أن يكون كذبا ممن وقع من قديم أو محدث ، وأن يكون كون القديم تعالى صادقا لنفسه لا يمنع من أن يكون هذه كذبا.
فان قالوا : ليست بكلام أصلا.
قيل لهم : فقد زال الشغل عنها بها ، لم زعمتم أن الله صادق أو قد صدق في شيء من كلامه. وهذا مما لا حيلة لهم فيه تعالى.
ثم يقال لهم : كيف تعلمون أن الخبر عن السماء والأرض وعما زعمتم أنه صدق لا شك فيه من اخبار القرآن خبرا عما تناوله اللفظ حتى قضيتم أنه صدق ، والصدق لا يكون صدقا حتى يكون خبرا حتى يعرف قصد المخبر به الى المخبر عنه ، والألغاز والتعمية قد تعور(٢) في الكلام ، وهما باب من التلبيس والإضلال.
فلم لا يجوز أن تكون ألفاظ القرآن كلها خارجة عن تلك الوجوه ، فلا يكون فيها شيء قصد به الخبر عما تتأوله اللفظ. وهذا أيضا لا حيلة لهم فيه.
ثم يقال لهم : خبرونا عن الرسول نفسه كيف يعلم أن القرآن كلام الله أو حكاية لكلامه ، وليس يأبى (٣) أن يكون الملك قد ادعى إرساله به ، إذ لا يأبى أن يكون قادرا على أمثاله. وليس يمكنه حجة من عقل ، فمنع بها من اجازة التلبيس على الله تعالى والتمكين من ذلك.
وعصمة الملائكة إنما يعلم سمعا ، وتجويز خلقهم على ما ورد السمع يعلم عقلا فكيف يعلم أنه رسول الله؟
__________________
(١) لعل العبارة «فإذا هذا المسموع».
(٢) كذا في الأصل.
(٣) في الأصل «وليس باين».