بل كيف لا يجوز أن يكون الله هو الذي أمر بالتكذيب عليه ، ومما ذا تعلمون أن مطيع الله مؤد لرسالته دون أن يكون متمردا عليه ، وقد قلتم ان التلبيس يجوز على الله. وهذا أيضا مما لا حيلة لهم فيه.
فان قالوا : الرسول يعلم صحة ما أخبر به الملك اضطرارا ، وكذلك نحن نعلم أن الرسول إلينا صادق اضطرارا.
قيل لهم : أفيصح أن يعلم ذلك استدلالا.
فان قالوا : نعم. طولبوا بالحجة وليس الى ذلك طريق. فان قالوا : لا. قيل لهم : قد صرتم الى ما كنتم تمتنعون منه من أنه لا يوصف القديم بالقدرة على أن يدل على صدق الصادق.
والفرق بين النبي والمتنبي من أصح الوجوه ، وإذا صح (١) هذا فما أنكرتم أن يكون المنتظر في هذا هو وقوع العلم الضروري بصدق الرسول ، فأما العلم بوجوده وعدمه فيستبان.
فان قالوا : هو كذلك.
قيل لهم : فظهوره الان على الكاذبين أجور ما يكون إذا كان لا معتبر به وان يوجب الله علينا تصديق من لا علم له.
فان مروا على ذلك قيل لهم : فليس لهم للرسل بمعجزة حجة ، وانما يدعى على ضمائر الناس أنهم يعلمون صدقه ويقولون : انا لا نعلم سياق ذلك ، ولا يمتنع أن يكون من المتنبي الذي يعارضه معجز يحتج به ، وهو خال من ذلك لا يدلي بحجة.
__________________
(١) في الأصل «وانا صح».