بألا يقتل نفسه وولده ويتلف أمواله ، لأن ذلك مما لا يجوز وقوعه منه للصارف القوي عنه.
وليس لهم أن يفرقوا بين الأمرين بالإلجاء ويقولون : ان أحدنا ملجأ الى أن [لا](١) يقتل نفسه ويتلف ماله للمضرة التي تلحقه بذلك ، والقديم تعالى غير ملجأ الى أن لا يفعل القبيح.
لأن المضار التي بها يكون الإلجاء لا تجوز عليه ، وذلك أن المعول على المعاني دون العبارات ، وانما كان أحدنا ملجأ الى أن [لا] يقتل نفسه لثبوت الصارف القوي عن ذلك وانه ممن لا يجوز أن يختاره وحاله هذه.
وهذه حال القديم تعالى في كونه غير فاعل ، لأن ذلك انما اعتبر استعماله في من ألجأه غيره وحمله اما على أن يفعل أو على أن لا يفعل.
وقولهم في الكتب : أن الإلجاء إذا لم يكن من باب المنع فلا يحصل الا بالمضار الحاضرة. تحكم غير مسلم ، لأن الإلجاء في الموضع الذي ذكروه معلوم سقوط المدح فيه ، فيحتاج الى أن يعلل بأنه لم يسقط المدح فيه عن الفاعل ، وإذا فعلنا ذلك لم نجد علة إلا خلوص الصارف وأنه لا يجوز من العاقل والحال هذه أن يفعل ما خلص الصارف عن فعله.
وهذا بعينه ثابت في الأفعال القبيحة مع الله تعالى ، لأنه جل اسمه لا يجوز البتة أن يختار القبيح ، لأن علمه بقبحه وبأنه غني عنه صارف ، فلا يجوز معه وقوع القبيح على وجه من الوجوه ، فينبغي أن يسقط المدح كما يسقط في الموضع الذي ذكروه.
وليس بنا حاجة الى المضايقة في تسمية ذلك إلجاء ، فلا معنى للخلاف في العبارات.
__________________
(١) الزيادة منا.