العقل وإظهار هذا المعنى بفعل ما يدل عليه هو العبادة ولا ريب في حسنه بنفسه عند العقل بمعنى موافقته لما يقتضيه النظام المخصوص فالعبادة نصب العبد نفسه في مقام العبودية بفعل يدل على ما للعبد من شئون الاحتياج وعدم الاستقلال فيدل على ما للمولى من وصف يقابل ذلك كالسجود يدل على ذلة العبد فيدل على عزة المولى والركوع يدل على حقارة العبد ودناءته فيدل على عظمة المولى وعلوه والخضوع يدل على تأثر العبد فيدل على تأثير المولى.
فقد بان ان العبادة بنفسها فعل اعتباري قصدي من حيث انها هي واما الفعل الجوارحي فهو بما هو لا يكون عبادة ذاتية غير مختلفة الحسن ضرورة ان الأفعال كيف ما كانت فهي تختلف بالوجوه والاعتبارات نعم يمكن ان يكون بعض الأفعال أوسع اعتبارا وألزمها من بعض كالسجود بالنسبة إلى الصيام نظير الاختلاف فيما بين المعاملات.
ومن هنا يظهر ان المراد بالذاتية في المتن حيث قسم العبادة إلى الذاتيّة وغير الذاتيّة غير العبادة الذاتيّة بالمعنى الّذي قدمناه وانما يراد به كون الفعل لو خلى وطبعه لو لا المانع حسنا مقربا إلى المولى نظير الذاتي في باب البرهان على ما فسرناه سابقا واما العبادة الذاتيّة بالمعنى الّذي قدمناه وهو نفس إقامة الذات مقام العبودية فمما لا يقبل الحرمة والمبغوضية البتة وهو ظاهر.