تنقسم بحسب نظر العقل إلى قسمين.
أحدهما ما يستقل بالوجود ومن المعلوم ان العقل حيث كان شأنه تعقل الماهيات لا غير فغرض استقلال الموجود بالوجود عنده يلزمه بالضرورة ان يكون له ماهية معقولة يصح تلبسها بالوجود فيكون هذا المفهوم موجودا في الخارج مثلا من غير حاجة في تلبس المفهوم عنده إلى شيء آخر سواء كان الوجود الخارجي بحسب نفسه محتاجا إلى وجود آخر من مادة أو موضوع أو علة أو لم يكن فكل ذلك حاجات الوجود الخارجي من حيث انه وجود خارجي واما من حيث صدق مفهومه عليه بعد فرضه وجودا في الخارج أو قيامه به حيث انه حده فلا يختلف حاله فمفهوم الإنسان والسواد لا يختلف حالهما بالنسبة إلى صدقهما على الإنسان والسواد الخارجيان وان كان الثاني في وجوده محتاجا إلى موضوع يقوم به وينعته بخلاف الأول.
وثانيهما ما يكون بوجوده رابطا بين موجودين من حيث انه رابط أي يكون عين الربط وهذا القسم بذاته واسطة بين شيئين ومن المعلوم ان الواسطة من حيث انها واسطة لو كانت مستقلة الوجود في قبال الطرفين كانت ثالثتهما ومحتاجة في الارتباط بهما إلى واسطتين رابطتين أخريين وقد فرضت مربوطة بذاتها فيستحيل ان يكون لها ماهية ملحوظة وحدها عند العقل إذ لو كانت كان اتصافها بالوجود بالاستقلال فكانت من القسم الأول هف.