أما أولا فلان الاختلاف بين الفريقين غير مؤثر ما لم يرجعا إلى معنى واحد يصير مقسما للأنواع ان كان جنسا أو الأصناف ان كان نوعا وأما ثانيا فلان الاختلاف والتباين بين افراد أحد الفريقين ليس بأقل مما بينهما لوضوح ان الفرق بين مثل الجزئية والملك والصحة ليس بأقل مما بين الاستحباب والوجوب وبين السببية والشرطية مثلا وهو ظاهر.
ومن ذلك حصر الوضعيات في أمور مخصوصة كالشرطية والسببية والمانعية أو غير ذلك مما وقع في كلماتهم فان ذلك تهكم ومجرد صدق معنى على عدة مصاديق لا يوجب كونه جامعا حقيقة بينها ما لم يكن مبدأ لحكم يترتب عليها من حيث اجتماعها تحت ذلك الجامع.
وبالجملة فالظاهر أن القوم وجدوا الأحكام الخمسة التكليفية أو لا ثم تنبهوا للاعتباريات التي لها تعلق ما بها مما اعتبره الشارع واحدا بعد آخر وسموها وصفا يعنون أنها من وضع الشارع ثم سموها أحكاما وضعية لرجوعها إلى معان نسبية وقد قدمنا ان النسب باعتبار آخر أحكام ثم اطردوا تسميتها أحكاما وضعية وإن صارت بالحيلولة معاني اسمية مستقلة كالملك والفسخ والحرية والرقية ونحو ذلك وبالآخرة كان اشتراكها إنما هو في اسم الوضع من غير معنى جامع على حد ساير المشتركات اللفظية المعروفة فافهم.