ما ينبغي وكان الوجه في تفسير القوم الإرادة الواجبية بالعلم ان إرادتنا عندهم من الكيفيات النفسانيّة فهي من الماهيات الحقيقية لا تتجرد عن حدها بالتجريد وقد عد من صفات الواجب تعالى فهي هناك بمعنى غير ما هاهنا لكنك قد عرفت فيما مر ان الإرادة غير داخلة تحت مقولة من المقولات بل هي كالعلم والقدرة وغيرهما صفة وجودية غير زائدة الوجود على وجود موضوعها البتة وانها حيثية اقتضاء ذاتنا لفعلها من حيث هي عالمة به وهذا الحد بتجريده عن الخصوصيات ممكن الوقوع على إرادة الواجب تعالى فالإرادة الذاتيّة فيه تعالى هي نسبة اقتضاء الذات العالمة بذاتها لذاتها والإرادة الفعلية نسبة اقتضاء الذات العلمية لفعلها الخارج عن ذاتها هذا.
والإرادة بهذا المعنى انما يصح تعلقها بالأمور الحقيقية التي بينها وبين الواجب تعالى نسبة الجعل والإيجاد من الداخلة في نظام الوجود واما الأمور الاعتبارية الغير الحقيقية فلا نسبة بينها وبين الذات الواجبة التي هي محض الوجود وصريح التحقق.
والّذي يمكن ان يقال حينئذ ان الّذي يقوم به تعالى من هذه الإرادة التشريعية التي هي الإرادة الإنشائية انما تقوم به تعالى بحقيقتها كما ان الكلام الّذي هو امر اعتباري انما يقوم بالواجب بحقيقته كما مر بيانه وقد سمعت مرارا ان حقيقة حد الاعتبار انما يتحقق بالأغراض والآثار المترتبة عليه فما هو موضوع الآثار هو الحد للمعنى