وما صدق عليه من الأمور الحقيقية كان هو المصداق الحقيقي للحد وعلى هذا فحقائق القرب والبعد المربوطة بالافعال أو حقائق الثواب والعقاب المرتبطة بها هي حقيقة الإرادة الإنشائية القائمة به تعالى على حسب ما يليق بساحة قدسه سبحانه فافهم ذلك.
وقد ظهر مما مر ان إرادة الفاعل لا تتعلق حقيقة إلّا بما هو فعله لوجود رابطة الفاعلية والفعل واما فعل الغير فيستحيل تعلقها به ومنه يظهر ان إرادته تعالى التكوينية بفعل العبد انما يتصور من حيث كونه موجودا ممكنا من الموجودات الممكنة واما من حيث كونه فعلا مأمورا به متعلقا للأمر فلا فللمأمور به بالأمر الإلهي حيثيتان حيثية كونه فعل العبد ولا يتعلق به إرادة تكوينية من هذه الحيثية بل انما يتعلق به الأمر فقط وحيثية كونه فعله سبحانه أي موجودا بإفاضة وجوده ولا يتعلق به أمر من هذه الحيثية بل انما تتعلق به الإرادة التكوينية فقط فافهم ذلك.
فإن قلت فهل الفعل الا موجودا بوجود واحد فما تأثير تكثير حيثياته بالاعتبار (قلت) كلا بل هو ذو نسبتين حقيقتين نسبة إلى العبد بما انه وجود محدود بحدود كذائية وهو فاعله بمعنى ما به الوجود ونسبة إلى الحق من حيث انه وجود مفاض ومفيضه فاعله بمعنى ما منه الوجود فالكثرة حقيقية.