في صدق الرفع.
وهكذا الكلام في الخطأ والنسيان ، فلا يشترط في تحقّق الرّفع وجود دليل يثبت التكليف في حال العمد وغيره ، نعم لو قبح عقلا المؤاخذة على الترك ، كما في الغافل الغير المتمكّن من الاحتياط ، لم يكن في حقّه
______________________________________________________
كان ظاهر قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ)(١) شامل للجاهل والعالم ؛ وعليه : فعدم إيجاب الاحتياط الموجب لتحريم الخمر على الشاك ، مع وجود المقتضي ـ تسهيلا عليه ـ يكفي (في صدق الرفع) مع أنه دفع ، وذلك لما عرفت : من وجود المقتضي للتكليف وعدم المانع الموجب للقبح في توجيه الخطاب.
(وهكذا الكلام في الخطأ والنسيان) فانّه لا يقبح عقلا تحريم الخمر على الناسي والخاطئ إذا أمكنهما التحفظ ، فانّه إذا أمكن التحفظ ولم يكن في توجيه الخطاب قبح أصلا ومع ذلك لم يوجه الخطاب إليهما ، كان صدق الرفع محققا ، ولا يحتاج صدق الرفع إلى توجيه التكليف أولا الى الكل ثم رفع هذا التكليف عن الناسي والخاطئ ، بل يكفي في صدق الرفع : عدم التكليف بايجاب التحفظ والاحتياط مع وجود المقتضي للتكليف.
إذن : (فلا يشترط في تحقق الرّفع : وجود دليل يثبت التكليف في حال العمد وغيره) وبذلك ظهر الجواب عن الاشكالين السابقين.
ثم إن المصنّف قال : (نعم ، لو قبح عقلا المؤاخذة على الترك) أي : مؤاخذة الشارع على مخالفة التكليف (كما في الغافل) أو الجاهل المركب (غير المتمكن من الاحتياط) والناسي أو الخاطئ الذي لا يتمكن من التحفظ (لم يكن في حقه
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٩٠.