فإتلاف المال المحترم نسيانا أو خطأ لا يرتفع معه الضّمان ، وكذلك الاضرار بمسلم ، لدفع الضرر عن نفسه ، لا يدخل في عموم ما اضطرّوا إليه ، إذ لا امتنان في رفع الأثر عن الفاعل باضرار الغير ، فليس الاضرار بالغير نظير سائر المحرّمات الالهيّة المسوغة لدفع الضّرر.
______________________________________________________
وعليه : (فإتلاف المال المحترم نسيانا ، أو خطأ) أو اضطرارا مثل : ما إذا نسي انّ المال للغير ، أو أخطأ في ضرب طير ـ مثلا ـ فانكسر به اناء الغير ، أو اضطرارا لأجل سدّ الجوع ، أو ما أشبه ذلك ، فانّه (لا يرتفع معه الضّمان) على المتلف ، والضمان هو أثر إتلاف مال الغير.(وكذلك) أي : نظير الاتلاف (الاضرار بمسلم ، لدفع الضرر عن نفسه) ، كما إذا توجه الضرر الى زيد ، فصرف زيد الضرر عن نفسه إلى الغير بأن أرادت الدولة ـ مثلا ـ الضريبة من زيد فأخذ مال عمرو وأعطاه ضريبة للدولة ، فانّه بفعله هذا يرتكب الحرام ويكون المال مضمونا عليه ، فانّ دفع مال عمر وان كان نوعا من الاضطرار ، إلا انّه (لا يدخل في عموم) قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ما اضطرّوا اليه).
وإنما لا يدخل في العموم (إذ لا امتنان في رفع الأثر عن الفاعل) الذي هو مضطر (باضرار الغير) لأن إضرار الغير لرفع الضرر عن النفس ليس منّة على جميع الامّة بينما ظاهر حديث الرفع هو المنّة على جميع الامّة.
إذن : (فليس الاضطرار بالغير) لأجل الاضطرار (نظير سائر المحرمات الإلهيّة) المضطر إليها كشرب الخمر ، وأكل الميتة ، وما أشبه (المسوغة) بصيغة اسم المفعول ، صفة المحرمات أي : المحرمات الجائزة (لدفع الضّرر).
نعم ، يمكن أن يقال : إذا دار الأمر بين الأهم والمهم ، كان الضمان بدون الحرمة ، كما إذا كان عند زيد دينار لعمرو ، فطلبه الظالم وقال : لو لم تعطني ديناره