.................................................................................................
______________________________________________________
موجود في كل أحد ، إلا انّ الذي آمن بالله واليوم الآخر لا يستعمل حسده بيد أو لسان.
وعليه : فتكون هذه الرواية قرينة على انّ رواية الصدوق المتقدّمة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يراد من قوله فيها : «ما لم ينطق الانسان بشفته» تقييد الحسد أيضا ، لا تقييد الجملة الأخير فقط.
أقول : قال بعض في تفسير هذه الرواية : إنّ مادة الحسد الموجودة في القلب حسنة ، لأنها توجب التقدّم من جهة التنافس ، وإنّما صورة الحسد الظاهرة باللّسان واليد قبيحة ، كمادة النار : فهي حسنة ، لأنّها تطهي الطعام وتنفع في تهيئة الوسائل والآلات ، وإنّما استعمالها في الاحراق الضار قبيح ، وكذلك مادة الطيرة ، فانّها مادة تعدّل التفاؤل والتشاؤم في داخل الانسان ليختار الانسان بينهما الأحسن ، وإنّما صورتها الظاهرة وهو الوقوف عن العمل بسبب التطير قبيح.
وكذلك حال الوسوسة فانّها تقليب لوجوه الآراء والافكار ، وإنّما الاستمرار عليها والشك في الخالق وكيفية الخلقة قبيح.
وواضح : الأنبياء معصومون ، ولم يكونوا متّصفين إلّا بالصفات الحسنة من هذه الثلاثة ، دون السيئة منها.
إن قلت : قوله عليهالسلام : «لم ينج فيها» الظاهر في انّها صفات سيئة.
قلت : باعتبار إن الأغلب يستعملون هذه الثلاثة في الامور السيئة جاء التعبير كذلك ، فالرواية على هذا التفسير مثل قوله تعالى : (الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً)(١)
__________________
(١) ـ سورة المعارج : الآية ١٩.