ووجوب التوقف فيه ، للأخبار الكثيرة الناهية عن القول بغير علم والآمرة بالتوقّف ، وأنّه : «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها ، وأهوى بيده إلى فيه» ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأمارة في تلك المسألة خبرا صحيحا أو غيره.
______________________________________________________
وعليه : فاذا لم يظهره لم يكن مشمولا لقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ ، أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(١).
ولم يكن مشمولا للحديث القائل : «من كتم علما ألجمه الله تعالى يوم القيامة بلجام من نار» (٢).
وذلك لانصراف أمثال هذه الآيات والروايات الى ما علم به ، لا ما ظنّ.
(و) كذا كان الأقوى : القول بعدم (وجوب التّوقّف فيه) فلا يلتزم بنفسه بذلك ، هذا كله (للأخبار الكثيرة الناهية عن القول بغير علم) كقوله سبحانه : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٣) (والآمرة بالتوقّف وانّه : «إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها») (٤) قال الامام هذه الكلمة (وأهوى بيده الى فيه) أي : توقفوا واسكتوا ، ولعلّ : «ها» ، اسم فعل بمعنى : «تنبّه» ، والهاء في كلمة هذا من هذا القبيل ، لأنّ ذا : للإشارة ، وها : للتنبيه.
(ولا فرق في ذلك) الّذي ظنّ به الانسان ممّا لا يجب عليه إظهاره والعمل به (بين أن يكون الأمارة في تلك المسألة خبرا صحيحا ، أو غيره) كالإجماع
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٥٩.
(٢) ـ منية المريد : ص ٤٢ (بالمعنى) ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٧٨ ب ١٣ ح ٦٦ وج ١٠٨ ص ١١٥.
(٣) ـ سورة الاسراء : الآية ٣٦.
(٤) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٥٧ ح ١٣.