وكيف كان : فاذا ثبت التخيير بين دليلي وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وعدمه ثبت فيما نحن فيه من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقلّ بالاجماع والأولويّة القطعيّة.
______________________________________________________
«انا خالفت بينهم» (١).
(و) إن قلت : ان كلامنا في الخبرين المتعارضين في الواجب المستقل فانه هو مورد الاختلاف بين المحدثين وبين الاصوليين في ان العلاج هل هو التوقف كما يقوله المحدثان ، أو البراءة كما يقوله الاصوليون؟ وخبر الحميري لا يكون دليلا على كلام الاصوليين ، لأن التعارض فيه بين الخبرين في جزء الواجب ، كالتكبيرة التي هي جزء الصلاة ، فكيف يتعدى من جزء الواجب إلى الواجب المستقل؟.
قلت : (كيف كان) الجواب عن خبر الحميري نقول به في الجواب عن هذا الاشكال (فاذا ثبت التخيير بين دليلي وجوب الشيء على وجه الجزئية وعدمه) أي : عدم وجوب ذلك الشيء ، كوجوب التكبير وعدم وجوبه ، والتكبير جزء من الصلاة (ثبت فيما نحن فيه من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقل) بأن كان هناك خبران : أحدهما : يثبت التكليف المستقل كالدعاء عند رؤية الهلال ، والآخر : ينفيه ويقول بعدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال.
وعليه : فالتخيير الذي ثبت في خبر الحميري يثبت في الواجب المستقل أيضا (بالاجماع والاولويّة القطعيّة) والمراد بالاجماع : الاجماع المركب ، فانّ كل من قال بالبراءة في الجزء ؛ قال بالبراءة في المستقل ، وكل من قال بالتوقف في الجزء ؛ قال بالتوقف في المستقل ، فاذا ثبتت البراءة في الجزء بسبب خبر الحميري ؛ ثبتت
__________________
(١) ـ عدّة الاصول : ج ١ ص ١٣٠.