إذ الظاهر ورود أحدهما تفصيلا ، فيصدق هنا أنّه لم يرد أمر ولا نهي.
هذا كلّه ، مضافا إلى حكم العقل بقبح المؤاخذة على كلّ من الفعل والترك ، فانّ الجهل بأصل الوجوب
______________________________________________________
لا يقال : المكلّف يعلم هنا بورود أمر أو نهي ، فلا يكون قوله : «كل شيء مطلق» شاملا له.
لأنّه يقال : ليس المراد : ثبوت الحل إلى ورود أحدهما اجمالا ـ كما فيما نحن فيه ـ إذ هذا الشاك لا يعلم انه ورد فيه الأمر أو النهي (إذ الظاهر) المنصرف من الحديث ثبوت الحل إلى (ورود أحدهما) معيّنا (تفصيلا) لا اجمالا (فيصدق هنا) فيما لم يعلم انّ الوارد هل هو الأمر أو النهي؟ (انّه لم يرد أمر ولا نهي) على نحو التفصيل ، فيحكم بالحل حسب صدر الحديث الذي قال : «كل شيء مطلق».
نعم ، على رواية الصدوق : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (١) تكون الرواية خاصة بالشبهة التحريميّة لأن الرواية مقيدة حينئذ بقوله عليهالسلام : حتى يرد فيه نهي.
(هذا كلّه) هو تقريب الاستدلال بأدلة البراءة الشرعية (مضافا إلى حكم العقل بقبح المؤاخذة على كلّ من الفعل والترك) فيما إذا لم يعلم المكلّف انّ المولى يريد الشيء أو يريد تركه (فانّ الجهل بأصل الوجوب) أي : فيما كان الشك في أصل التكليف ، لا ما إذا كان الشك في المكلّف به مع العلم بأصل التكليف ، كما في مورد دوران الأمر بين الظهر والجمعة ، فانّه إذا دار الأمر بين الظهر والجمعة يكون المكلّف متيقنا بالتكليف الالزامي الايجابي وانّما يشك في مصداق المكلّف به هل هو الظهر أو الجمعة؟ فانّ في دوران الأمر بين الظهر والجمعة
__________________
(١) ـ من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣١٧ ح ٩٣٧ ، غوالي اللئالي : ج ٣ ص ٤٦٢ ح ١ ، وسائل الشيعة : ج ٦ ص ٢٨٩ ب ١٩ ح ٧٩٩٧ وج ٢٧ ص ١٧٤ ب ١٢ ح ٣٣٥٣٠.