وهذا تكليف شرعيّ في المسألة الاصوليّة غير التكليف المعلوم تعلّقه إجمالا في المسألة الفرعيّة بواحد من الفعل والترك ، بل ولو لا النصّ الحاكم هناك بالتخيير أمكن القول به من هذه الجهة ، بخلاف ما نحن فيه ، إذ لا تكليف إلّا بالأخذ بما صدر واقعا في هذه الواقعة ،
______________________________________________________
(وهذا) أي : التخيير بين الخبرين (تكليف شرعي في المسألة الاصوليّة) أي : حجيّة الخبر ، وهو (غير التكليف المعلوم تعلّقه اجمالا في المسألة الفرعيّة بواحد من الفعل والتّرك) فانّ الحجيّة واللاحجيّة من المسائل الاصولية ، لانّ الاصولي يبحث عن الحجيّة واللاحجيّة ، أما التردد بين الوجوب والتحريم مثل تردد المرأة بين واجب الوطي لانّها طاهرة وقد مضى عليها أربعة أشهر وبين حرام الوطي لأنّها الآن في حالة حيض ، فهي مسألة فرعية ، والتخيير في المسألة الاصولية لا ينسحب إلى المسألة الفرعية التي نحن فيها ، فقياس دوران الأمر بين المحذورين بتعارض الخبرين غير ظاهر الوجه.
(بل ولو لا النّص الحاكم هناك) أي : في باب تعارض الخبرين (بالتخيير) شرعا ، حيث دلّ النص على التخيير بين الخبرين المتعارضين (أمكن القول به) أي : بالتخيير بين الخبرين عقلا وذلك (من هذه الجهة) أي : من الجهة الاصولية وهي : حجيّة كل من الخبرين المتعارضين ، وحيث لا يمكن الأخذ بهما معا لتعارضهما فلا بدّ من الأخذ بأحدهما.
(بخلاف ما نحن فيه) من دوران الأمر بين المحذورين ، فانّه لا دليل على أن يأخذ الانسان بطرف خاص من الحرام أو الواجب منهما (إذ لا تكليف إلّا بالأخذ بما صدر واقعا في هذه الواقعة) المرددة بين الوجوب والحرمة كوطي الزوجة ، فانّ العقل يرى لزوم الالتزام بأحكام الله الواقعية.