لأنّ العلماء والعقلاء متفقون على عدم جواز ترك الواجب تحفّظا عن الوقوع في الحرام.
فهذا المثال أجنبيّ عمّا نحن فيه قطعا.
______________________________________________________
وعليه : فلا يمكن أن يقال : ان في دوران الأمر بين المحذورين يقدّم الحرام كما لا يمكن ان يستدل لذلك بالإناءين المشتبهين (لأنّ العلماء والعقلاء متفقون على عدم جواز ترك الواجب تحفّظا عن الوقوع في الحرام) فانّه إذا دار الامر بين حرام قطعي وواجب قطعي ، وقد اشتبه أحدهما بالآخر ، فاللازم أن يلاحظ الأهم منهما ويقدّم على المهم ، لا ان يقدّم جانب الحرام على الواجب مطلقا وهذا هو رأي علماء المسلمين ، بل هو رأي عقلاء العالم.
مثلا : إذا دار الأمر بين حرام قطعي كالتصرّف في ملك الغير ، لأجل واجب قطعي كانقاذ الغريق ، قدم الواجب على الحرام لانّ الواجب هنا أهم ، وإذا دار الأمر بين حرام كالزنا ، وواجب كصلة الرحم وذلك فيما إذا علم بانّه إذا ذهب ليصل رحمه وقع هناك في الزنا قطعا ، قدّم الحرام على الواجب وترك صلة رحمه لانّ الحرام هنا اهم ، واذا دار الأمر بين حرام وواجب متساويين ، او لم يعلم الاهم منهما وإن احتمله في أحدهما ، كما لو دار الامر في التصرف في ملك الغير لانقاذ غريق مردد بين انه مسلم أو كافر حربي فانه يتخيّر في تقديم أيهما شاء ، إذن فلا تقديم للحرام على الواجب مطلقا.
وعليه : (فهذا المثال) اي : مثال الإناءين المشتبهين بالنجس (أجنبي عمّا نحن فيه قطعا) فلا يمكن أن نقول في مورد دوران الأمر بين المحذورين بتقديم الحرام لأنّ الشارع قدّم الحرام في الإناءين المشتبهين ، وهذا هو ثالث الوجوه الذي ردّ به المصنّف تمثيلهم بالإناءين المشتبهين في دليلهم الأخير.