وأمّا الحاكم فوظيفته أخذ ما يستحقّه المحكوم له على المحكوم عليه بالأسباب الظّاهرية ، كالاقرار ، والحلف ، والبيّنة ، وغيرها. فهو قائم مقام المستحق في أخذ حقه ، ولا عبرة بعلمه الاجمالي.
نظير ذلك ما إذا أذن المفتي لكلّ واحد من واجدي المني في الثوب المشترك في دخول المسجد
______________________________________________________
(وأمّا الحاكم فوظيفته) أمران :
الأوّل : القضاء بين المتخاصمين والاكتفاء ببيان المحقّ منهما من المبطل.
الثاني : (أخذ ما يستحقّه المحكوم له على المحكوم عليه) استحقاقا (بالأسباب الظّاهرية ، كالاقرار ، والحلف ، والبيّنة ، وغيرها) من مثل : القسامة ، ونكول المترافعين ، والشواهد التي تكتنف بالكلام وبالقضية ، ممّا توجب كشف الحاكم الحق حسب الموازين الشرعية (فهو) أي : الحاكم هنا (قائم مقام المستحق في أخذ حقه) واعطائه للمستحق شرعا ، كالوكيل الذي يأخذ مال الموكل ويرسله إليه (ولا عبرة بعلمه) أي : بعلم الحاكم (الاجمالي) بأن أحد الطرفين مبطل.
ولا يخفى : انّ هذا معناه : انّ الشارع رفع اليد عن الواقع من أجل الموازين الظّاهرية ـ كما ذكرناه نحن ـ فهو استثناء لأجل النص الشرعي عليه ، فلا يتعدى مورده الى سائر الموارد.
و(نظير ذلك) أي : نظير حكم القضاء (ما إذا أذن المفتي لكلّ واحد من واجدي المني في الثوب المشترك في دخول المسجد) مع أنّه يعلم أنّ أحدهما جنب وأنّ دخوله في المسجد محرّم في نفسه ، لكن حيث يعلم المفتي بأن لكل منهما أن يجري استصحاب الطهارة لنفسه ، جاز له أن يفتي بأن لكل واحد منهما