لأنّ العبادة لا بدّ فيها من نيّة التقرّب المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا او إجمالا كما في كلّ من الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة ، وما ذكرنا من ترتّب الثواب على هذا الفعل لا يوجب تعلّق الأمر به ،
______________________________________________________
لكن مثل هذا لا يتحقق في التعبديات (لأنّ العبادة لا بدّ فيها من نية التقرب) ونية القربة هي (المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا) وذلك بأن يعلم أن الظهر واجبة عليه (أو اجمالا) بأن يعلم أن الواجب عليه : الظهر أو الجمعة (كما في كلّ من الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة) فانّ الانسان الذي يشتبه في القبلة يحتاط بأربع صلوات الى اربع جهات ، لعلمه بأمر الشارع بالصلاة اجمالا.
أما في المقام فلا يعلم بأمر الشارع بهذا الشيء لا تفصيلا ولا اجمالا ، لفرض دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ، فكيف يأتي به بقصد القربة وهو لا يعلم بأن الشارع أمر به حتى يقصد فيه القربة؟ أم كيف يأتي به بدون قصد القربة مع انّه لو أمر به الشارع لم يقع بدون القربة ما أمر به الشارع من العبادة لأن هيكل العبادة بدون قصد القربة ليست بعبادة؟.
(و) حيث اشكل على القائلين بتحقق الاحتياط في العبادات ـ بهذا الاشكال ـ أجابوا عنه بوجوه ستة أشار اليها المصنّف كما يلي :
الأوّل : نكتشف وجود الأمر بالدليل الإنّي ، لأنه لو أتى بمحتمل العبادة بقصد الاحتياط كان فيه الثواب ، وكلّ ما كان فيه الثواب فهو مقرّب قد تعلّق به الأمر ، لكن هذا الجواب غير تام لما ذكره المصنّف بقوله : انّ (ما ذكرنا : من ترتّب الثواب على هذا الفعل لا يوجب تعلّق الأمر به) فانّ الثواب انّما يكشف عن الأمر ويدل عليه اذا كان ثوابا ناشئا عن الأمر ، لا ما إذا كان ثوابا ناشئا عن الانقياد للشرع.