ولم يترتب على موافقته ومخالفته سوى خاصيّة نفس المأمور به وتركه ، كما هو شأن الطلب الارشادي ، وإلى هذا المعنى أشار ، صلوات الله عليه ، بقوله : «اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس» ، وقوله : «من ارتكب الشبهات وقع في المحرّمات وهلك
______________________________________________________
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (١).
(و) معنى كونه إرشاديا : انه (لم يترتب على موافقته) أي : موافقة الأمر الاحتياطي (ومخالفته سوى خاصيّة نفس المأمور به وتركه) من النفع والثواب أو الضرر والعقاب ، فاذا أمر الطبيب ـ مثلا ـ المريض بشرب الدواء ، فانّه ان شربه نفعه ، وان لم يشربه ضرّه المرض من دون ان يكون لأمر الطبيب أثر فوق فائدة شرب الدواء وضرر تركه (كما هو شأن الطّلب الارشادي) سواء كان من المولى الحقيقي أم من المولى العرفي ، أم من أهل الخبرة في شئون السفر والحضر ، والزراعة والعمارة ، والعلاج والدواء ، وغير ذلك.
(وإلى هذا المعنى) أي : كون الأمر ارشاديا (أشار صلوات الله عليه ، بقوله : «اتركوا ما لا بأس به حذرا عمّا به البأس» (٢)) فانّ معنى هذه العبارة : ان البأس منحصر في الحرام الواقعي ، والحذر انّما هو من جهة الحرام الواقعي ، فاذا خولف ترك من لا بأس به بارتكابه ولم يصادف الحرام لم يكن فيه بأس.
(وقوله) صلوات الله عليه («من ارتكب الشبهات وقع في المحرّمات وهلك
__________________
(١) ـ سورة الانعام : الآية ١٦٠.
(٢) ـ اشارة الى الحديث الوارد عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم «حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس» انظر الصراط المستقيم : ج ١ ص ١٣٥ ، وقريب منه في تحف العقول : ص ٦٠ ، الالفين : ٣١٢ ، مجموعة ورام : ج ١ ص ٦٠.