لأنّ أصالة الطّهارة في الملاقي ـ بالكسر ـ معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر ، لعدم جريان الأصل في المفقود حتّى يعارضه ، لما أشرنا إليه في الأمر الثالث : من عدم جريان الأصل فيما لا يبتلي به المكلّف ولا أثر له بالنسبة إليه.
______________________________________________________
مثلا : إذا كان هناك اناءان : أحدهما أبيض والآخر أحمر ولم يعلم بنجاسة أحدهما فلاقت يده الاناء الابيض فصب الاناء الأبيض في البحر وطهر الاناء ؛ وبعد ذلك علم اجمالا بأن أحد الإناءين إما الأبيض أو الأحمر كان نجسا فانّه يجب الاجتناب عن اليد وعن الاناء الأحمر ، لحصول العلم الاجمالي بين الملاقي ـ بالكسر ـ وبين طرف الملاقى وهو الاناء الأحمر.
وانّما يجب الاجتناب عنهما (لأنّ أصالة الطّهارة في الملاقي ـ بالكسر ـ) وهي اليد في المثال (معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر ، لعدم جريان الأصل في المفقود حتّى يعارضه) أي : يعارض جريان : الاصل في المشتبه الآخر ، فانّ الاصل انّما يجري إذا كان له ثمر ، ولا ثمر لجريان الأصل في الاناء المفقود الذي صبّ في البحر ، وحيث لا يجري الأصل في المفقود قام الملاقي مقام المفقود في جريان الاصل فيه لكونه أصبح طرفا للعلم الاجمالي فيكون اصل الطهارة في اليد معارضا بأصل الطهارة في المشتبه الآخر ، فيجب الاجتناب عن اليد وعن المشتبه الآخر.
وانّما لا يعارضه (لما اشرنا إليه في الامر الثالث : من عدم جريان الأصل فيما لا يبتلي به المكلّف) ومن المعلوم : أنّ الاناء المصبوب في البحر لا يبتلى به المكلّف (ولا اثر له) اي لجريان الاصل في الطرف الذي صبّ في البحر (بالنسبة إليه) أي : الى المكلّف.