ويؤيّده تقييد العمل في غير واحد من تلك الأخبار بطلب قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والتماس الثواب الموعود ، ومن المعلوم أنّ العقل مستقلّ باستحقاق هذا العامل المدح والثواب ، وحينئذ :
______________________________________________________
كما في قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١) فيكون حاصل من ذلك : انّ اخبار «من بلغ» لا تكون الّا ارشادا ، والارشاد لا يثبت الاستحباب الذي ذكره المشهور.
هذا ، وقد أشار المصنّف الى الاحتمال الأوّل بقوله فيما يأتي : فانّ كان الثابت في هذه الأخبار أصل الثواب ، كما وأشار الى الاحتمال الثاني بقوله : وان كان الثابت بهذه الأخبار خصوص الثواب البالغ.
(ويؤيّده :) أي : يؤيد انّ المراد من اخبار «من بلغ» : اتيان محتمل العبادة احتياطا ، فيكون طاعة حكمية لا طاعة حقيقية حتى يترتب عليه الثواب ويكون الثواب كاشفا عن الاستحباب بدليل «الإن» (تقييد العمل في غير واحد من تلك الأخبار) أي : أخبار «من بلغ» (بطلب قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والتماس الثواب الموعود) فهذه الأخبار واردة في موارد إمكان الاحتياط ولا تدل على أن اتيان المحتمل بداعي الأمر يترتب عليه ثواب الامتثال.
(ومن المعلوم : انّ العقل مستقلّ باستحقاق هذا العامل المدح والثواب) لأنّه انقياد والمنقاد عقلا مثاب ، لأنّه ممدوح ، ومدح الشارع هو ثوابه ، كما انّ مدح العقل هو تحسينه.
(وحينئذ) أي : حين كان الثواب ثواب الانقياد لا ثواب الاستحباب الكاشف
__________________
(١) ـ سورة الانعام : الآية ١٦٠.