فان كان الثابت في هذه الأخبار أصل الثواب كانت مؤكّدة لحكم العقل بالاستحقاق.
وأمّا طلب الشارع لهذا الفعل : فان كان على وجه الارشاد لأجل تحصيل هذا الثواب الموعود
______________________________________________________
عن الأمر نقول : (فان كان الثابت في هذه الأخبار أصل الثواب) بأن يكون أخبار «من بلغ» دالّا على أن من يعمل بالشيء يصيب في الجملة ثوابا (كانت) أخبار «من بلغ» (مؤكدة لحكم العقل بالاستحقاق) لأنّ العقل يدل على الاستحقاق الانقيادي والشرع أكد ذلك ، فيكون أوامر الشرع إرشادية ، والأوامر الارشادية لا تثبت الاستحباب ، وحيث ثبت أصل الثواب نقول :
ان أريد كشف الأمر الارشادي بسبب هذا الثواب فهو تام ، لكن الأمر الارشادي لا يثبت الاستحباب الذي يقول به المشهور ، لأنّ المشهور يقولون : بأن أوامر «من بلغ» تثبت الاستحباب ، بينما هي مثل : (أَطِيعُوا اللهَ) (١) فانّه أمر ارشادي وليس بمستحب أو واجب اذ لو كان : (أَطِيعُوا اللهَ) مستحبا أو واجبا لكان له ثواب ، فيلزم أن يكون لمن صلّى ثوابان : ثواب الصلاة ، وثواب الاطاعة ، وهذا ما لا يقولون به.
وان اريد كشف الأمر المولوي من أصل الثواب قلنا : انّ أصل الثواب ليس كاشفا عن الأمر المولوي لما عرفت : من انّ الثواب محقق بسبب الانقياد.
والى هذين الوجهين أشار المصنّف بقوله : (وأما طلب الشارع لهذا الفعل ، فان كان على وجه الارشاد لأجل تحصيل هذا الثواب الموعود) بسبب الاطاعة
__________________
(١) ـ سورة النساء : الآية ٥٩ ، سورة آل عمران : الآية ٣٢ والآية ١٣٢ ، سورة المائدة : الآية ٩٢.