لظهورها في عدم تعيين الشيء المجهول على المكلّف بحيث يلتزم به ويعاقب عليه.
______________________________________________________
وانّما لا تجري أدلة البراءة في المقام (لظهورها) أي ظهور أدلة البراءة (في عدم تعيين الشيء المجهول على المكلّف) يعني : انّ الشيء المجهول الذي لا يعلم انّه واجب أو ليس بواجب ، حرام أو ليس بحرام؟ هذا الشيء ينفيه البراءة ، فلا يتنجّز (بحيث يلتزم به) بصيغة المجهول (ويعاقب عليه).
وقول المصنّف : «لظهورها» ، مقدمة أولى ، وهناك مقدمة ثانية مطويّة في كلام المصنّف وهي : انّ البراءة في رفع التخيير ليست رافعة لوجوب مجهول.
وإن شئت قلت في بيان المقدمتين : ان البراءة ترفع الوجوب المجهول ، والشك في التخيير ليس من الوجوب المجهول ، فانّ المنساق من أدلة البراءة : نفي الضيق عن المكلّف في التكاليف المجهولة ، ولا ريب ان نفي الوجوب عن الفرد المشكوك لا يوجب توسعة على المكلّف ، بل يوجب التضييق عليه لأجل تعيين الاتيان بالفرد الآخر بسبب نفي وجوب الفرد المشكوك.
والحاصل : إنا اذا علمنا : انّ كفارة الافطار ـ مثلا ـ الصيام ، وشككنا في انّ عدل الصيام : الاطعام أم لا ، فلا نتمكن أن نقول بجريان البراءة عن الاطعام ممّا يوجب تعيين الصيام عليه ، إذ لو جرت هذه البراءة أوجب تضييقا على المكلّف لحصر الواجب عليه في الصيام فقط ، والبراءة منّة ، وهي للتوسعة لا للتضييق.
(و) لا يقال : نسلّم عدم جريان البراءة لرفع وجوب الاطعام في المثال ، لكن يمكن اجراء الاستصحاب بأن يقال : الاطعام لم يكن واجبا ، فاذا شككنا في انّه هل وجب عدلا للصيام أم لا؟ نستصحب عدم وجوبه.