كان لا بد بينهما من جهة جامعة ، كقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) الحديد : ٤ ، وقوله تعالى : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) البقرة : ٢٤٥.
وفائدة العطف هنا جعلهما كالنظيرين والشريكين.
وقد تكون العلاقة بينهما المضادة ، وهذا كذكر الرحمة بعد ذكر العذاب ، والرغبة بعد الرهبة ، والقرآن إذا ذكر أحكاما ذكر بعدها وعدا ووعيدا ، ليكون ذلك باعثا على العمل بما سبق ، ثم يذكر آيات التوحيد والتنزيه ، ليعلمهم عظم الآمر والناهى.
وهذا ارتباط بين الجمل المستقلة قد يظهر تارة ، كما فيما سبق ، وقد يخفى أخرى فيحتاج إلى تدبر.
ومن هذا القسم الخفى :
(١) قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها ...) البقرة : ١٨٩.
فقد يقال : أى رابط بين أحكام الأهلة وبين حكم إتيان البيوت من ظهورها؟ والجواب من وجوه :
أحدها : كأنه قيل لهم عند سؤالهم عن الحكمة فى تمام الأهلة ونقصانها : معلوم أن كل ما يفعله الله فيه حكمة ظاهرة ومصلحة لعباده ، فدعوا السؤال عنه وانظروها فى واحدة تفعلونها أنتم مما ليس من البر فى شىء وأنتم تحسبونها برّا.
الثانى : إنه من باب الاستطراد ، فلما ذكر تعالى أنها مواقيت للحج ، وكان هذا من أفعالهم فى الحج ، ففي الحديث أن ناسا من الأنصار كانوا إذا أحرموا لم يدخل أحد منهم حائطا ولا دارا ولا فسطاطا من باب ، فإن كان من أهل المدر نضب نقبا فى ظهر بيته منه يدخل ويخرج ، أو يتخذ سلما يصعد به ، وإن كان