من أهل الوبر خرج من خلف الخباء ، فقيل لهم : ليس البر بتحرجكم من دخول الباب ، لكن البر من اتقى ما حرم الله ، وكان من حقهم السؤال عن هذا وتركهم السؤال عن الأهلة.
الثالث : إنه من قبيل التمثيل لما هم عليه من تعكيسهم فى سؤالهم ، وأن مثلهم كمثل من يترك بابا ويدخل من ظهر البيت ، فقيل لهم : ليس البر ما أنتم عليه من تعكيس الأسئلة ، ولكن البر من اتقى ذلك ، ثم قال تعالى : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) أى باشروا الأمور من وجوهها التى يجب أن تباشر عليها ، ولا تعكسوا. والمراد أن يصمم القلب على أن جميع أفعال الله حكمة منه ، وأنه (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) الأنبياء : ٢٣ ، فإن فى السؤال اتهاما.
٢ ـ ولقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ..) الإسراء : ١ ، إلى أن قال تعالى : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) الإسراء : ٢ ، فإنه قد يقال : أى رابط بين الإسراء و (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ)؟
ووجه اتصالها بما قبلها أن التقدير : أطلعناه على الغيب عيانا ، وأخبرناه بوقائع من سلف بيانا ، لتقوم أخباره على معجزته برهانا ، أى سبحان الذى أطلعك على بعض آياته لتقصها ذكرا ، وأخبرك بما جرى لموسى وقومه فى الكرتين لتكون قصتهما آية أخرى.
أو أنه أسرى بمحمد إلى ربه كما أسرى بموسى من مصر حين خرج منها خائفا يترقب.
ثم ذكر تعالى بعد هذا (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) الإسراء : ٣ ، ليتذكر بنو إسرائيل نعمة الله عليهم قديما ، حيث نجاهم من الغرق ، إذ لو لم ينج أباهم من أبناء نوح لما وجدوا.