لهم. فقال له على : تدرى ما تكتب؟ قال : أكتب ما قالوا ورسول الله أولى بأمره. فذهبوا بالكتاب إلى رسول الله ، فقال للقارئ : أقرأ ، فلما انتهى إلى الربا ، قال له الرسول : ضع يدى عليها ، فوضع يده ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) ثم محاها ، فلما بلغ الزنى وضع يده عليها وقال : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) ثم محاها ، وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا.
ولقد عثر الباحثون على الكتابين المرسلين من النبى إلى المقوقس وإلى المنذر ابن ساوى ، والكتاب الأول محفوظ فى دار الآثار النبوية فى الآستانة ، وكان قد عثر عليه عالم فرنسى فى دير بمصر قرب أخميم ، والكتاب الثانى محفوظ بمكتبة فينا.
ومن قبل هذه الادلة يقول تعالى فى الرسول : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَ) ويقول تعالى فى الرسول أيضا : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ).
ولم تكن البيئة العربية على هذا بيئة كاتبة قارئة ، بل كان ذلك فيها شيئا يعد ويحصى ، وكان حظ المدينة من ذلك دون حظ مكة ، ولم يكن فى المدينة حين هاجر إليها الرسول غير بضعة عشر رجلا يعرفون الكتابة ، منهم : سعيد بن زرارة ، والمنذر بن عمرو ، وأبى بن وهب ، وزيد بن ثابت ، ورافع بن مالك ، وأوس ابن خولى. ولقد أحس الرسول ذلك بعد هجرته إلى المدينة ، فكان أول ما فعله بعد انتصاره فى بدر وأسره من أسر من رجال قريش القارئين الكاتبين ، أن يجعل فدية هؤلاء أن يعلّم كل رجل منهم عشرة من صبيان المدينة ، وبهذا بدأت الكتابة تروج سوقها فى المدينة.
حتى إذا كان عهد عمر بن الخطاب أمر بجمع الصبيان فى المكتب ، وأمر عبد عامر بن عبد الخزاعى أن يتعهدهم بالتعليم ، وجعل له رزقا على ذلك يتقاضاه من بيت المال.