وأن معناه فأنا أول الجاحدين وذلك أن الدليل قد اتضح على أن من كان له ولد لا يكون إلا محدثا والمحدث لا يكون إلها.
فقول الله عزوجل في الجملة الأولى (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) إنما معناه لا أذل ولا أخضع لأصنامكم التي تفعلون هذا لها ولا أنتم فاعلوه أيضا لإلهي الذي أنا فاعله له.
وقوله جل اسمه في الجملة الثانية (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) إنما معناه ولا أنا جاحد لله تعالى الذي جحدتموه ولا أنتم جاحدون للأصنام التي أنا جاحدها.
فقد تضمنت الجملتان فائدتين مختلفتين وبان انتظام الكلام بغير تكرار.
جواب آخر :
وهو أن يكون المراد بلفظة أعبد في الجملة الأولى الزمان الحاضر فكأنه قال لا أعبد الآن ما تعبدون ولا أنتم عابدون الآن ما أعبد.
ويكون المراد بها في الجملة الثانية الزمان المستقبل فكأنه قال ولا أنا عابد في المستقبل ما عبدتم ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أعبد.
فلفظة أعبد على هذا الجواب وإن كانت في الجملتين بمعنى واحد وهو العبادة فقد اختلفت بما يراد بها من الزمان المختلف ولا شك في أن لفظة أفعل تصلح للزمانين الحاضر والمستقبل وفي هذين الجوابين غنى وكفاية والحمد لله.
واعلم أنه يجب أن يكون السؤال على هذا مختصا بخطاب من المعلوم من حاله أنه لا يؤمن.
وقد ذكر أنها نزلت في أبي جهل والمستهزءين وهم العاص بن وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث وعدي بن قيس ولم يؤمن منهم أحد.