ولسنا نرى الأعمار تتناهى إلى أكثر من مائة وعشرين سنة بل لا نرى أحدا يلحق عمره هذا القدر اليوم.
ويزعمون أن هذه الزيادة على المائة والعشرين دلالة على بطلان ما نذهب إليه.
وسألت في إيراد كلام عليهم يوهي عمدتهم ويبطل شبهتهم ويكون أصلا في يدك يتمسك به المستند إليك.
وأنا مجيبك إلى ما سألت وأبلغك منها ما طلبت بعون الله وحسن توفيقه اعلم أولا أنه إذا وجبت الإمامة ووضحت الأدلة على اختصاصها بأئمتنا الاثني عشر عليهم السلام دون جميع الأمة فلا منصرف عن القول بطول عمر إمامنا وصاحب زماننا صلى الله عليه وسلم لأن الزمان لا يخلو من إمام وقد مضى آباء صاحب الزمان بلا خلاف ولم يبق من يستحق الإمامة سواه.
فإن لم يكن عمره ممتدا من وقت أبيه إلى أن يظهره الله سبحانه حصل الزمان خاليا من إمام وهذا دليل مبني على ما قدمناه.
وبعد ذلك فإنه لا يصلح أن يكلمك في طول عمره من لا يقر بشريعته.
فأما من أقر بها وأنكر تراخي الأعمار وطولها فإن القرآن يخصمه بما تضمنه من الخبر عن طول عمر نوح عليهم السلام قال الله تعالى
(فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) العنكبوت : ١٤
ولا طريق إلى الانصراف عن ظاهر القرآن إلا ببرهان.
وقد أجمع المسلمون على بقاء الخضر عليهم السلام من قبل زمان موسى عليهم السلام إلى الآن وأن حياته متصلة إلى آخر الزمان وما أجمع عليه المسلمون فلا سبيل إلى دفعه بحال من الأحوال.
فإن قال الخصم هذان نبيان ويجوز أن يكون طول أعمارهما معجزا لهما وكرامة يميزان بها عن الأنام ولا يصح أن يكون هذا العجز والإكرام إلا للأنبياء عليهم السلام.