فقل له يفسد هذا عليك بما استقر عليه الاتفاق من بقاء إبليس اللعين من عهد آدم عليهم السلام وقبل ذاك إلى الآن وأنه سيبقى إلى الوقت المعلوم كما نطق به القرآن وليس ذلك معجزا له ولا على سبيل الإكرام.
وإذا اشترك الولي والعدو في طول العمر علم أن السبب في ذلك غير ما ذكرت وأنه لمصلحة لا يعلمها إلا الله تعالى دون العباد.
فإن أنكر الخصم إبليس وبقاءه خرج عن ظاهر الشريعة ودفع إجماع الأمة وإن تأول ذلك طولب على صحة تأويله بالحجة.
ولو سلمت له طول العمر معجزا للمعمر وإكراما ولم يذكر له إبليس وطول عمره على ممر الأزمان كان لك أن تقول إن حكم الإمام عندنا كحكم النبي في الاحتجاج وجواز ظهور العجز والإكرام بما يتميز به عن الأنام فليس بمنكر أن يطيل الله تعالى عمره على سبيل المعجز والإكرام.
واعلم أيدك الله أن المخالفين لك في جواز امتداد الأعمار ممن يقر بالإسلام لا يكلمونك إلا بكلام مستعاد.
فمنهم من ينطق بلسان الفلاسفة فيقول إن طول العمر من المستحيل في العقول الذي لم يثبت على جوازه دليل.
ومنهم من ينطق بلسان المنجمين فيقول إن الكواكب لا تعطي أحدا من العمر أكثر من مائة وعشرين سنة ولهم هذيان طويل.
ومنهم من ينطق بلسان الأطباء وأصحاب الطبائع فيقول إن العمر الطبيعي هو مائة وعشرون سنة فإذا انتهى الحي إليها فقد بلغ غاية ما يمكن فيه صحة الطباع وسلامتها وليس بعد بلوغ غاية السلامة إلا ضدها.
وليس على يد أحد منهم إلا الدعوى ولا يستند إلا إلى العصبية والهوى فإذا عضهم الحجاج رجعوا أجمعين إلى الشاهد المعتاد فقالوا إنا لم نر أحدا تجاوز في العمر إلى هذا القدر ولا طريق لنا إلى إثبات ما لم نر.
وهذا الذي جرت به العادة والعادة أصح دلالة.
وجميعهم خارجون عن حكم الملة مخالفون لما اتفقت عليه الأمة ولما سلف