ومعاني القرآن على ضربين ظاهر وباطن.
والظاهر هو المطابق لخاص العبارة عنه تحقيقا على عادات أهل اللسان كقوله سبحانه :
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
فالعقلاء العارفون باللسان يفهمون من ظاهر هذا اللفظ المراد.
والباطن هو ما خرج عن خاص العبارة وحقيقتها إلى وجوه الاتساع فيحتاج العاقل في معرفة المراد من ذلك إلى الأدلة الزائدة على ظاهر الألفاظ كقوله سبحانه :
(أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ).
فالصلاة في ظاهر اللفظ هي الدعاء حسب المعهود بين أهل الفقه وهي في الحقيقة لا يصح منها القيام والزكاة هي النمو عندهم بلا خلاف ولا يصح أيضا فيها الإتيان وليس المراد في الآية ظاهرها وإنما هو أمر مشروع.
فالصلاة المأمور بها فيها هي أفعال مخصوصة مشتملة على قيام وركوع وسجود وجلوس.
والزكاة المأمور بها فيها هي إخراج مقدار من المال على وجه أيضا مخصوص وليس يفهم هذا من ظاهر القول فهو الباطن المقصود.
وأنواع أصول معاني القرآن أربعة
أحدها الأمر وما استعير له لفظه
وثانيها النهي وما استعمل فيه لفظه.
وثالثها الخبر مع ما يستوعبه لفظه.
ورابعها التقرير وما وقع عليه لفظه
وللأمر صورة محققة في اللسان يتميز بها عن غيره في الكلام وهي قولك افعل إذا ورد مرسلا على الإطلاق وإن كانت هذه اللفظة تستعمل في غير الأمر على سبيل الاتساع والمجاز كالسؤال والإباحة والخلق والمسخ والتهديد.