ثم إن الأمر بخلاف ما ظننت وقد تناصرت الأدلة بحظر القياس من القرآن وثابت الأخبار قال الله عزوجل :
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) المائدة : ٤٤.
ولسنا نشك في أن الحكم بالقياس حكم بغير التنزيل قال الله عزوجل :
(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) النحل : ١١٦.
ومستخرج الحكم في الحادثة بالقياس لا يصح له أن يضيفه إلى الله ولا إلى رسول الله ص.
وإذا لم يصح إضافته إليهما فإنما هو مضاف إلى القائس دون غيره وهو المحلل والمحرم في الشرع بقول من عنده وكذب وصفه بلسانه فقال سبحانه :
(وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) الإسراء : ٣٦.
ونحن نعلم أن القائس معول على الظن دون العلم والظن مناف للعلم ألا ترى أنهما لا يجتمعان في الشيء الواحد. وهذا من القرآن كاف في إفساد القياس.
وأما المروي في ذلك من الأخبار فمنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام.
وقول أمير المؤمنين عليهم السلام :
إياكم والقياس في الأحكام فإنه أول من قاس إبليس.
وقال الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام :
إياكم وتقحم المهالك باتباع الهوى والمقاييس قد جعل الله تعالى للقرآن أهلا أغناكم بهم عن جميع الخلائق لا علم إلا ما أمروا به قال الله تعالى :