والمجاز منه ما عبر به من غير معناه في الأصل تشبيها واستعارة لغرض من الأغراض وعلى وجه الإيجاز والاختصار.
ووصف الكلام بالظاهر وتعلق الحكم به إنما يقصد به إلى الحقيقة منه.
والحكم بالاستعارة فيه إنما يراد به المجاز.
وكذلك القول في التأويل والباطن إنما يقصد به إلى العبارة عن مجاز القول واستعارته حسبما ذكرناه.
والحكم على الكلام بأنه حقيقة أو مجاز لا يجوز إلا بدليل يوجب اليقين ولا يسلك فيه طريق الظنون.
والعلم بذلك من وجهين أحدهما الإجماع من أهل اللسان والآخر الدليل المثمر للبيان.
فأما إطلاق بعض أهل اللغة أو بعض أهل الإسلام ممن ليس بحجة في المقال والفعال فإنه لا يعتمد في إثبات حقيقة الكلام.
فمتى التبس اللفظ فلم يقم دليل على حقيقة فيه أو مجاز وجب الوقف لعدم البرهان.
وليس بمصيب من ادعى أن جميع القرآن على المجاز وظاهر اللغة يكذبه ودلائل العقول والعادات تشهد بأن جمهوره على حقيقة كلام أهل اللسان.
ولا بمصيب أيضا من زعم أنه لا يدخله المجاز وقد خصمه في ذلك قوله سبحانه
(فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) الكهف : ٧٧.
وغيره من الآيات والواجب أن يقال إن منه حقيقة ومنه مجاز.
الحظر والإباحة :
فأما القول في الحظر والإباحة فهو أن العقول لا مجال لها في العلم بإباحة ما