فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار لا يمكنك ولا غيرك الظفر فيها.
قال المفيد رحمهالله فقلت له قد حررت كلامك واستقصيت البيان فيه وأتيت بما لا يقدر أحد من الخلق أن يزيد في الاحتجاج لصاحبك عليه غير أني بعون الله وتوفيقه سأجعل ما أتيت به كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
أما قولك إن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل أبا بكر ثانية فليس في ذلك فضيلة لأنه إخبار عن عدد ولعمري إنهما كانا اثنين ونحن نعلم ضرورة أن مؤمنا وكافرا اثنان كما نعلم أن مؤمنا ومؤمنا اثنان فليس لك في ذكر العدد طائل تعتمده.
وأما قولك إنه وصفهما بالاجتماع في المكان فإنه كالأول لأن المكان يجتمع فيه المؤمنون والكفار كما يجتمع العدد للمؤمنين والكفار وأيضا فإن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أشرف من الغار وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار وفي ذلك قوله تعالى (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) المعارج : ١٩ ٢٠.
وأيضا فإن سفينة نوح عليهم السلام قد جمعت النبي والشيطان والبهيمة فبان لك أن الاجتماع في المكان لا يدل على ما ادعيت من الفضل فبطل فضلان. وأما قولك إنه أضافه إليه بذكر الصحبة فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن الصحبة أيضا تجمع المؤمن والكافر والدليل على ذلك قول الله عزوجل :
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) الكهف : ٣٧.
وأيضا فإن اسم الصحبة تكون من العاقل والبهيمة والدليل على ذلك من كلام العرب أنهم جعلوا الحمار صاحبا فقالوا :