إن الحمار مع الحمار مطية |
|
فإذا خلوت به فبئس الصاحب (١) |
وقد سموا الجماد مع الحي أيضا صاحبا قال الشاعر :
زرت هندا وذاك بعد اجتناب |
|
ومعي صاحب كتوم اللسان |
يعني السيف فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل والبهيمة وبين الحيوان والجماد فلا حجة لصاحبك فيها.
وأما قولك إنه قال له (لا تَحْزَنْ) فإن ذلك وبال عليه ومنقصة له ودليل على خطئه لأن قوله (لا تَحْزَنْ) نهي وصورة النهي قول القائل لا تفعل فلا يخلو الحزن الواقع من أبي بكر من أن يكون طاعة أو معصية فإن كان طاعة فالنبي لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها وإن كان معصية فقد صح وقوعها فيه وتوجه النهي إليه عنها وشهدت الآيات به ولم يرد دليل على امتثاله للنهي وانزجاره. (٢)
وأما قولك إنه قال (إِنَّ اللهَ مَعَنا) فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمه أن الله معه خاصة وعبر عن نفسه بلفظ الجمع فقال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
وقد قيل إن أبا بكر قال يا رسول الله إن حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان منه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللهَ مَعَنا) أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب.
وأما قولك إن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه كفر لأن الذي نزلت
__________________
(١) قائل هذا البيت هو أميّة بن أبي الصلت.
(٢) أقول : ليس بالضرورة أن يكون حزنه طاعة أو معصية ، بل يجوز أن يكون مباحا ككثير من الانفعالات الشخصية ، كما أنّه لا ينحصر أن يكون في قوله لا تحزن للتحريم ، إذ يجوز هنا أن يكون للإرشاد أو للاشفاق الذي لا يستتبع معصية كما هو واضح.