غدت فارتعت ثم أثنت لرضاعه |
|
فلم تلف شيئا من قوائمه الخمش |
فطافت بذاك القاع ولهى فصادفت |
|
سباع الفلا ينهشنه أيما نهش |
بأوجع مني يوم ظلت أنامل |
|
تودعني بالدر من شبك النقش |
فلما سمع صاحبي نهض مسرعا مبادرا ففعل من القفز والرقص والبكاء واللطم ما يزيد على ما فعله من قبله ممن كان يخطئه ويستجهله وأخذ يستعيد من الشعر ما لا يحسن استعادته ولا جرت عادتهم بالطرب مثله وهو قوله :
فطافت بذاك القاع ولهى فصادفت |
|
سباع الفلا ينهشنه أيما نهش |
ويفعل بنفسه ما حكيت ولا يسأل من غير هذا البيت حتى بلغ من نفسه المجهود ووقع كالمغشي عليه من الموت.
فحيرني ما رأيت من حاله وأخذت أفكر في أفعاله المضادة لما سمعت من أقواله.
فلما أفاق من غشيته لم أملك صبرا دون سؤاله عن أمره وسبب ما صنعه بنفسه مع تجهيله من قبل لفاعله وعن وجه استعادته من الشعر ما لم تجر عادتهم باستعادة مثله؟
فقال لي لست أجهل ما ذكرت ولي عذر واضح فيما صنعت أعلمك أن أبي كان كاتبا وكان بي برا وعلي شفيقا فسخط السلطان عليه فقتله فخرجت إلى الصحراء لشدة ما لحقني من الحزن عليه فوجدته ملقى والكلاب ينهشون لحمه فلما سمعت المغني يقول :
فكانت بذاك القاع ولهى فصادفت |
|
سباع الفلا ينهشنه أيما نهش |