فصل وزيادة
فأما الذين ادعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قصد بما قاله في أمير المؤمنين عليهم السلام يوم الغدير أن يؤكد ولاءه في الدين ويجب نصرته على المسلمين وأن ذلك على معنى قوله سبحانه :
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) التوبة : ٧١
وأن الذي أوردناه من البيان على أن لفظة مولى يجب أن يطابق معنى ما تقدم من التقرير في الكلام وأنه لا يسوغ حملها على غير ما يقتضي الإمامة من الأقسام يدل على بطلان ما ادعوه في هذا الباب ولم يكن أمير المؤمنين عليهم السلام بخامل الذكر فيحتاج أن يقف في ذلك المقام ويؤكد ولاءه على الناس بل كان مشهورا وفضائله ومناقبه وظهور علو رتبته وجلالته قاطعا للعذر في العلم بحاله عند الخاص والعام.
على أن من ذهب في تأويل الخبر إلي معنى الولاء في الدين والنصرة فقوله داخل في قول من حمله على الإمامة والرئاسة لأن إمام العالمين تجب موالاته في الدين ويتعين نصرته على كافة المسلمين وليس من حمله على الموالاة في الدين والنصرة يدخل في قوله ما ذهبنا إليه من وجوب الإمامة فكان المصير إلي قولنا أولى(١).
وأما الذين غلطوا فقالوا إن السبب في ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الغدير إنما هو كلام جرى بين أمير المؤمنين وزيد بن حارثة فقال علي لزيد تقول هذا وأنا مولاك فقال له زيد لست مولاي إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف يوم الغدير فقال من كنت مولاه فعلي مولاه إنكارا على زيد وإعلاما له أن عليا مولاه.
فإنهم فضحهم العلم بأن زيدا قتل مع جعفر بن أبي طالب في أرض
__________________
(١) وذلك لأن النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه والعموم في جانب من حمل الحديث على الولاء في الدين ، والخصوص في جانب من حمله على الإمامة ، وحمله على الثاني يشمل الأول لوجوب موالاة الإمام في الدين ونصرته ، دون ما إذا حمل على المعنى الأول فلا يشمل الإمامة.