مؤتة من بلاد الشام قبل يوم غدير خم بمدة طويلة من الزمان وغدير خم إنما كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثمانين يوما وما حملهم على هذه الدعوى إلا عدم معرفتهم بالسير والأخبار.
ولما رأت الناصبة غلطها في هذه الدعوى رجعت عنها وزعمت أن الكلام كان بين أمير المؤمنين عليهم السلام وبين أسامة بن زيد والذي قدمناه من الحجج يبطل ما زعموه ويكذبهم فيما ادعوه.
ويبطله أيضا ما نقله الفريقان من أن عمر بن الخطاب قام في يوم الغدير فقال بخ بخ لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ثم مدح حسان بن ثابت في الحال بالشعر المتضمن رئاسته وإمامته على الأنام وتصويب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك :
ثم احتجاج أمير المؤمنين عليهم السلام به يوم الشورى فلو كان ما ادعاه المنتحلون حقا لم يكن لاحتجاجه عليهم به معنى وكان لهم أن يقولوا أي فضل لك بهذا علينا وإنما سببه كذا وكذا.
وقد احتج به أمير المؤمنين عليهم السلام دفعات واعتده في مناقبه الشراف وكتب يفتخر به في جملة افتخاره إلي معاوية بن أبي سفيان في قوله :
وأوجب لي الولاء معا عليكم |
|
خليلي يوم دوح غدير خم |
وهذا الأمر لا لبس فيه.
وأما الذين اعتمدوا على أن خبر الغدير لو كان موجبا للإمامة لأوجبها لأمير المؤمنين عليهم السلام في كل حال إذ لم يخصصها النبي صلى الله عليه وسلم بحال دون حال وقولهم إنه كان يجب أن يكون مستحقا لذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم جهلوا معنى الاستخلاف والعادة المعهودة في هذا الباب.
__________________
(١) بخ بخ اسم فعل بمعنى هنيئا ، رواه بلفظ بخ بخ الخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد ج ٨ صلى الله عليه وسلم ٢٩٠ ، ورواه بلفظ هنيئا كل من الإمام أحمد في المسند ج ٤ صلى الله عليه وسلم ٢٨١. والرازيّ في التفسير الكبير في تفسير قوله تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)وفيض القدير ج ٢ صلى الله عليه وسلم ٢١٧ انظر : (فضائل الخمسة ج ١ صلى الله عليه وسلم ٣٨٤ ـ ٣٨٧).