« أعاذك الله يا كعب! من إمارة السّفهاء ».
وبادر كعب قائلا :
ما إمارة السفهاء يا رسول الله؟
« امراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ، ولا يستنّون بسنّتي ، فمن صدّقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فاولئك ليسوا منّي ولست منهم ، ولا يردون عليّ حوضي ، ومن لم يصدّقهم بكذبهم ، ولم يعنهم على ظلمهم ، فاولئك منّي وأنا منهم ، وسيردون عليّ حوضي ... » (١).
إنّ إمارة السفهاء ظلم وجور واعتداء على الناس ؛ لأنّهم لا يهتدون بهدي النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا يستنّون بسنّته.
وحذّر الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله من توظيف العاشقين للسلطة والمتهالكين على المنصب ، فقد
روي أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، استعملني؟ فردّه النبيّ وقال :
« إنّا لا نستعمل على عملنا من أراده ... » (٢).
وعلّق أبو الوليد على هذه الرواية بقوله : السرّ في ذلك أنّ الولايات أمانات ، وتصريف في أرواح الخلائق وأموالهم ، والتسرّع إلى الأمانة دليل على الخيانة ، وأنّه لا يخطبها إلاّ من يريد أكلها ... وإذا اؤتمن خائن على موضع الأمانات كان كمن استرعى الذئب على الغنم ، ومن هذه الخصلة تفسد قلوب الرعايا على ملوكها ؛ لأنّه إذا اهتضمت حقوقهم واكلت أموالهم فسدت نيّاتهم ، وأطلقوا ألسنتهم بالدعاء
__________________
(١) سنن البيهقي ٤ : ١١٥. الأموال ـ أبو عبيد : ٥٧.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ٧٨٩.