وطار معاوية سرورا وبهجة بشهادة مالك ، وخطب الناس ، وقال :
أمّا بعد : فإنّه كانت لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفّين ، وهو عمّار بن ياسر ، وقطعت الاخرى اليوم ، وهو مالك الأشتر (١).
لقد انتهت حياة عمار ومالك ، وسمت روحهما إلى الله تعالى كأسمى روحين صعدتا إلى السماء ، فقد لفعا بدم الشهادة في أقدس قضية نصرا فيها الإسلام ، فقد وقفا إلى جانب وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يذبّان عنه ، ويحميانه من الردّة الجاهلية المتمثّلة في كسرى العرب.
ورثي جماعة من الشعراء الزعيم مالك كان منهم المثنّى ، يقول :
ألا ما لضوء
الصبح أسود حالك |
|
وما للرواسي
زعزعتها الدكادك |
وما لهموم النفس
شتّى شئونها |
|
تظلّ تناجيها
النجوم الشوابك |
على مالك فليبك
ذو الليث معولا |
|
إذا ذكرت في
الفيلقين المعارك |
إذا ابتدر الخطي
وانتدب الملا |
|
وكان غياث القوم
نصر مواشك |
إذا ابتدرت يوما
قبائل مذحج |
|
ونودي بها أين
المظفّر مالك |
فلهفي عليه حين
تختلف القنا |
|
ويرعش للموت
الرجال الصعالك |
ولهفي عليه يوم
دبّ له الردى |
|
وديف له سمّ من
الموت حانك |
فلو بارزوه يوم
يبغون هلكه |
|
لكانوا بإذن
الله ميت وهالك |
ولو مارسوه
مارسوا ليث غابة |
|
له كالتي لا
ترقد الليل فاتك |
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٢٥٥. تاريخ ابن الأثير ٣ : ١٥٣.