به أمرهم ؛ ولا يثقلنّ عليك شيء خفّفت به المئونة عنهم ، فإنّه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك ، وتزيين ولايتك ، مع استجلابك حسن ثنائهم ، وتبجّحك باستفاضة العدل فيهم ، معتمدا فضل قوّتهم ، بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم ، والثّقة منهم بما عوّدتهم من عدلك عليهم ورفقك بهم ، فربّما حدث من الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد ما احتملوه طيّبة أنفسهم به ؛ فإنّ العمران محتمل ما حمّلته ، وإنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها ، وإنّما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع (١) ، وسوء ظنّهم بالبقاء ، وقلّة انتفاعهم بالعبر (٢).
وحوى هذا المقطع جميع صنوف العدل والشرف ، وما ينشده الإسلام من عمران الأرض ، وإشاعة الرخاء بين الناس ، وقد حفل بامور بالغة الأهمّية كان منها :
أمّا الخراج فهو من أهمّ واردات الدولة الإسلامية في تلك العصور ، وأمّا كيفيّة شرائطه وشئونه فقد تعرّضت لها كتب الفقه الإسلامي ، وقد عرض الإمام عليهالسلام في كلامه إلى أنّ صلاح الخراج صلاح لأهله ، وصلاح لجميع المواطنين لأنّهم جميعا عيال عليه.
وأكّد الإمام عليهالسلام على ضرورة إعمار الأرض ، وذلك بشقّ الأنهر وما يحتاجه المزارعون في شئون زراعتهم وتنميتها ، فإنّ زيادة الخراج لا يكون إلاّ بعمارة الأرض.
__________________
(١) الجمع : يراد به جمع المسئولين للمال.
(٢) نهج البلاغة : ٤٣٦ ـ ٤٣٧.