ما أحوج المسلمين إلى هذا العدل الصارم الذي لا تطغى فيه النزعات والأهواء ، ولا ميل فيه إلاّ للعدل والحقّ ، ولا مكسب فيه إلاّ خدمة الامّة ورعاية مصالحها (١).
وروى المؤرّخون أنّ عمر بن الخطّاب كان يحاسب عمّاله ويشاطرهم ما عندهم من أموال ، فقد شاطر أموال سعد بن أبي وقّاص وعمرو بن العاص والحجّاج ابن عتيك الثقفي وغيرهم ، ويقول المعنيّون بهذه البحوث إنّ الواجب كان يقضي بمصادرة جميع أموالهم إن كانوا قد اختلسوها ، وإن لم يكونوا قد اختلسوها فلا وجه لمصادرة نصفها (٢).
لا يجوز فصل الولاة وإقالتهم إذا كانوا قائمين بواجباتهم وملتزمين بما عهد إليهم ، أمّا إذا اقترفوا الظلم وشذّوا عن الطريق القويم فإنّهم يفصلون ، ويقدّمون إلى القضاء ، وقد عزل الإمام عليهالسلام أحد ولاته حينما أخبرته سودة بنت عمارة الهمدانية أنّه قد جار في حكمه ، فبكى الإمام وقال في حرارة :
اللهمّ أنت الشّاهد عليّ وعليهم ، إنّي لم آمرهم بظلم خلقك ، ولا بترك حقّك.
ثمّ عزله في الوقت (٣) ، إنّ سعادة الامّة منوطة باستقامة حكّامها ، وعدل موظّفيها ، فإذا مالوا عن الحقّ ، وابتعدوا عن العدل وجب عزلهم لئلا تتعرّض البلاد إلى الأزمات والنكسات.
__________________
(١) نظام الحكم والإدارة في الإسلام : ٣٧٣.
(٢) المصدر السابق : ٣٧٤.
(٣) العقد الفريد ١ : ٢١١.