بالخسف ، وتبوءوا بالذّلّ ، ويكون نصيبكم الأخسّ ، وإنّ أخا الحرب الأرق (١) ، ومن نام لم ينم عنه ، والسّلام (٢).
حكت هذه الكلمات عن يقين الإمام عليهالسلام بأنّه على ثقة وبصيرة من أمره ، وأنّه على اتّصال وثيق بالله تعالى لا يستوحش من الذين فارقوه وحاربوه ونابذوه ، فإنّهم على ضلال يا له من ضلال ، كما أعرب عليهالسلام عن زهده في السلطة ، وأنّه لو لا يخاف من أن يحكم المسلمين من لا دين له فيتّخذ مال الله دولا وعباده خولا لما تصدّى إلى الحكم ، ولم يقم له أي وزن لأنّ السلطة عنده ليست مغنما وإنّما هي من سبل الاصلاح الاجتماعي ، فليس فيها إلاّ التعب والجهد والعناء.
ثمّ دعا الإمام الشعب المصري إلى جهاد المارقين عن الإسلام ، وهم الحزب الأموي ، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي أفنى حياته في محاربة الله ورسوله.
وهو أروع عهد حافل بحقوق الإنسان ، وقضاياه المصيرية لم يقنّن مثله ، ولم يوضع في جميع المحافل الدولية نظيره ، قد صاغه رائد العدالة الاجتماعية في الإسلام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد عرضنا إلى معظم بنوده في البحوث التمهيدية التي صدّرنا بها هذا الكتاب ،و قد ختم الإمام عليهالسلام هذا العهد الشريف بهذه الكلمات القيّمة بقوله :
والواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة ، أو سنّة فاضلة ، أو أثر عن نبيّنا ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أو فريضة في كتاب
__________________
(١) الأرق : السهر.
(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٣ : ١١٨ ـ ١٢١.