ما تمرّ به من الغدر (١) ، ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جوادّ الطّرق ، وليروّحها في السّاعات ، وليمهلها عند النّطاف (٢) والأعشاب ، حتّى تأتينا بإذن الله بدّنا منقيات غير متعبات ، ولا مجهودات ، لنقسمها على كتاب الله وسنّة نبيّه ـ صلىاللهعليهوآله ـ فإنّ ذلك أعظم لأجرك ، وأقرب لرشدك ، إن شاء الله » (٣).
وحفل هذا العهد باصول الفضائل والآداب ، واحتوى على جميع صنوف العدل ورعاية حقوق من وجبت عليهم الزكاة ، كما تضمّن الرفق الكامل بالحيوان ، وعدم إجهاده والاضرار به كما نصّ العهد على الاحتياط بأموال الدولة ، والاهتمام بها إلى غير ذلك من الأنظمة الرائعة التي لم تقنّن مثلها في الأنظمة الحديثة.
على وليّ أمر المسلمين أن يقف بيقظة وحزم أمام ولاته على الأقطار والأقاليم فيراقب تصرّفاتهم ، ويحاسبهم على ما جبوه وأنفقوه من بيت المال ، وينظر إلى ما عندهم من ثراء ، فإن كان قد اصطفوه من بيت المال بغير وجه مشروع فالواجب مصادرته ، وعزلهم وذلك لخيانتهم ، وقد سنّ ذلك ، ووضع منهاجه الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، فكان يحاسب عمّاله على ما في أيديهم وعلى ما أنفقوه ، وقد استعمل رجلا من الأزد على الصدقات فلمّا رجع حاسبه فقال الرجل :
ـ هذا لكم ، وهذا اهدي لي.
فأنكر النبيّ صلىاللهعليهوآله ذلك وقال :
__________________
(١) الغدر : هو ما غادره السيل من الماء.
(٢) النطاف : المياه القليلة.
(٣) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٣ : ٢٣ ـ ٢٦.