الجهاد ، وقد كانت شهادته على يد أقذر اموي عرفه تاريخ البشرية ، وهو ابن هند الذي حارب الإسلام هو وأبوه وامّه وقبيلته بجميع ما يملكون من طاقات.
ولمّا انتهى النبأ الفجيع بوفاة القائد العظيم إلى الإمام عليهالسلام ذابت نفسه أسى وحزنا ، وأخذ يذرف عليه أحرّ الدموع قائلا :
« إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين.
اللهمّ إنّي أحتسبه عندك ، فإنّ موته من مصائب الدّهر ... ».
ثمّ قال :
« رحم الله مالكا فقد وفى بعهده ، وقضى نحبه ، ولقي ربّه ، مع أنّا قد وطّنّا أنفسنا أن نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلىاللهعليهوآله فإنّها من أعظم المصائب » (١).
وأخذ الإمام يتلهّف وهو يقول بحزن بالغ :
« لله درّ مالك ، وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فندا (٢) ، ولو كان من حجر لكان صلدا ، أما والله! ليهدنّ موتك عالما ، وليفرحنّ عالما ، على مثل مالك فلتبك البواكي ، وهل موجود كمالك؟ » (٣).
لقد كانت شهادة مالك من الأحداث الجسام التي مني بها العالم الإسلامي ، وكان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من أفجع المصابين به.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٢٩.
(٢) الفند : القطعة العظيمة من الجبل.
(٣) الغدير ٩ : ٤٠.