كتب الإمام عليهالسلام هذه الرسالة إلى زياد بعد ما بلغه أنّه يتكبّر على الناس ، ويكثر من الألوان المختلفة في طعامه ... وهذه رسالته :
أمّا بعد ، فإنّ سعدا ذكر أنّك شتمته ظلما ، وهدّدته وجبهته (١) تجبّرا وتكبّرا ، فما دعاك إلى التّكبّر ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « الكبر رداء الله ، فمن نازع الله رداءه قصمه ».
وقد أخبرني أنّك تكثر من الألوان المختلفة في الطّعام في اليوم الواحد ، وتدّهن كلّ يوم ، فما عليك لو صمت لله أيّاما ، وتصدّقت ببعض ما عندك محتسبا ، وأكلت طعامك قفارا (٢) ، فإنّ ذلك شعار الصّالحين.
أفتطمع وأنت متمرّغ في النّعيم تستأثر به على الجار والمسكين والضّعيف والفقير والأرملة واليتيم أن يحسب لك أجر المتصدّقين.
وأخبرني أنّك تتكلّم بكلام الأبرار ، وتعمل عمل الخاطئين ، فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت ، وعملك أحبطت ، فتب إلى ربّك يصلح لك عملك ، واقتصد في أمرك وقدّم إلى ربّك الفضل ليوم حاجتك ، وادّهن غبّا ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « ادّهنوا غبّا ولا تدّهنوا رفها » (٣).
حكت هذه الرسالة التنديد بزياد لتكبّره وتجبّره على الناس ، واختياره
__________________
(١) جبهته : أي رددته.
(٢) قفارا : أي خال من الإدام.
(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٦ : ١٩٦.