فو الله! ما أعلم أنّ واليا بعد محمّد صلىاللهعليهوآله أعلم بذلك منّي ، ولا أعمل.
أقول قولي هذا صادقا غير ذامّ لمن مضى ، ولا منتقصا لأعمالهم.
فإن خطت بكم الأهواء المردية ، وسفه الرّأي الجائر إلى منابذتي تريدون خلافي ، فها أنا ذا قد قرّبت جيادي ، ورحّلت ركابي (١).
وأيم الله لئن ألجأتموني إلى المسير إليكم لأوقعنّ بكم وقعة لا يكون يوم الجمل إليها إلاّ كلعقة لاعق ، وإنّي لظانّ ألاّ تجعلوا إن شاء الله على أنفسكم سبيلا.
وقد قدّمت هذا الكتاب إليكم حجّة عليكم ، ولن أكتب إليكم من بعده كتابا إن أنتم استغششتم نصيحتي ، ونابذتم رسولي حتّى أكون أنا الشّاخص نحوكم إن شاء الله تعالى ، والسّلام (٢).
وحوت هذه الرسالة دعوة الإمام عليهالسلام أهل البصرة إلى السلم والطاعة ، ونبذ التمرّد ، وذكّرتهم بما أسداه عليهم من الإحسان بعد واقعة الجمل فقد غمرهم بلطفه فعفى عن مجرمهم ومسيئهم وأشاع الأمن في ديارهم ولم يقابلهم بالمثل ، وأنّهم إن أطاعوه فيعمل فيهم بكتاب الله تعالى وسنّة نبيّه ، ويحكم فيهم بالحقّ المحض والعدل الخالص ، كما هدّدهم أنّهم إذا ما استجابوا لنصيحته فسوف يقابلهم بالشدّة والصرامة ، ولا يدع أي ظلّ للخائنين والمجرمين ...
هذا بعض ما حوته رسالة الإمام عليهالسلام إلى أهل البصرة.
__________________
(١) الجياد : الفرس السريع. الركاب : الإبل التي تحمل جيشه.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٤ : ٥٠. الكامل لابن الأثير ٣ : ١٨٢.