الله ، فتقتدي بما شاهدته ممّا عملنا به فيها ، وتجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا ، واستوثقت به من الحجّة لنفسي عليك ، لكيلا تكون لك علّة عند تسرّع نفسك إلى هواها.
وأنا أسأل الله بسعة رحمته ، وعظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة ، أن يوفّقني وإيّاك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه ، مع حسن الثّناء في العباد ، وجميل الأثر في البلاد ، وتمام النّعمة ، وتضعيف الكرامة ، وأن يختم لي ولك بالسّعادة والشّهادة ، « وإنّا إلى الله راغبون ».
والسّلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله الطّيّبين الطّاهرين ، وسلّم تسليما كثيرا ، والسّلام.
أرأيتم هذه الآداب العلوية الحافلة بجميع مقوّمات السموّ والكرامة ، وما تعتزّ به الإنسانية في جميع أدوارها.
وخرج الأشتر ميمّما وجهه صوب مصر ، وسارت قافلته تطوي البيداء ، لا تلوي على شيء ، فلمّا انتهت إلى « أبلّة » (١) فالتقى به نافع مولى عثمان بن عفّان ، وقد أرسله معاوية لاغتياله ، وكان لبقا ، فأخذ مالك يسأله :
ـ ممّن أنت؟
ـ من أهل المدينة.
ـ من أيّهم؟
__________________
(١) أبلّة : مدينة تقع على شاطئ دجلة في الطريق إلى البصرة.