« ما بال الرّجل نستعمله على العمل ممّا ولاّنا الله ، فيقول : هذا لكم ، وهذا اهدي لي؟ أفلا قعد في بيت امّه وأبيه فنظر أيهدى له أم لا؟ والّذي نفسي بيده! لا نستعمل رجلا على العمل ممّا ولاّنا الله فيغلّ منه شيئا إلاّ جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيرا له رغاء ، وإن كانت بقرة لها خوار ، وإن كانت شاة تمغر ».
ثمّ رفع يديه إلى السماء وقال : « اللهمّ بلّغت » قالها مرّتين أو ثلاثا (١).
وسار الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام على هذا المنهج في دور حكومته فكان يراقب الولاة والعمّال ، ويمعن في محاسبتهم ، فإذا بدرت من أحدهم خيانة بادر إلى عزله ، ومصادرة ما اختلسه من الأموال ، وقد بلغه عن بعض عمّاله أنّه استأثر ببعض أموال المسلمين فكتب إليه :
أمّا بعد ، فقد بلغني عنك أمر ، إن كنت فعلته فقد أسخطت ربّك ، وعصيت إمامك ... ، بلغني أنّك جرّدت الأرض فأخذت ما تحت قدميك ، وأكلت ما تحت يديك ، فارفع إليّ حسابك ، واعلم أنّ حساب الله أعظم من حساب النّاس (٢).
وكتب إلى زياد بن أبيه ، وهو وال من قبل عامله على البصرة عبد الله بن عباس ، يحذّره من الخيانة ، وقد جاء فيما كتبه إليه :
وإنّي أقسم بالله قسما صادقا ، لئن بلغني أنّك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا ، لأشدّنّ عليك شدّة تدعك قليل الوفر ، ثقيل الظّهر ، ضئيل الأمر (٣).
__________________
(١) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية : ٢٤٨.
(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٣ : ٢٢.
(٣) المصدر السابق ٣ : ٢٢.