واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) [النساء : ١١] فبقيت البنتان مسكوتا عنهما. فنقل في السنة حكمهما. وهو إلحاقهما بما فوق البنتين. ذكره القاضي إسماعيل. فهذه أمثلة يستعان بها على ما سواها ، فإنه أمر واضح لمن تأمل ، وراجع إلى أحد الأصلين المنصوص عليهما أو إليهما معا ، فيأخذ من كل منهما بطرف فلا يخرج عنهما ولا يعدوهما. وأما مجال القياس فإنه يقع في الكتاب العزيز أصول تشير إلى ما كان من نحوها أن حكمه حكمها ، وتقرب إلى الفهم الحاصل من إطلاقها أن بعض المقيدات مثلها. فيجتزي بذلك الأصل عن تفريع الفروع اعتمادا على بيان السنة فيه.
وهذا النحو بناء على أن المقيس عليه ، وإن كان خاصا ، في حكم العام معنى. فإذا كان كذلك ووجدنا في الكتاب أصلا وجاءت السنة بما في معناه ، أو ما يلحق به ، أو يشبهه ، أو يدانيه فهو المعنى هاهنا. وسواء علينا أقلنا إن النبي صلىاللهعليهوسلم قاله بالقياس أو بالوحي ، إلا أنه جار إفهامنا مجرى المقيس ، والأصل الكتاب شامل له. وله أمثلة :
أحدها : أن الله عزوجل حرم الربا ، وربا الجاهلية الذي قالوا فيه (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) [البقرة : ٢٧٥] هو فسخ الدين في الدين. يقول الطالب : إما أن تقضي وإما أن تربي. وهو الذي دل عليه أيضا قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) [البقرة : ٢٧٩] فقال عليهالسلام : «وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله» (١) وإذا كان كذلك ، وكان المنع فيه ، إنما هو من أجل كونه زيادة على غير عوض ، ألحقت السنة به كل ما فيه زيادة بذلك المعنى ، فقال عليهالسلام «الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ، فمن زاد وازداد فقد أربى ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» (٢) ، ثم زاد على ذلك بيع النّساء إذا اختلفت الأصناف. وعده من الربا لأن
__________________
(١) أخرجه أبو داود في المناسك ، باب صفة حجة النبي صلىاللهعليهوسلم ، حديث ١٩٠٥ : ... فخطب الناس فقال : «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع. ودماء الجاهلية موضوعة. وأول دم أضعه دماؤنا : دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضعه ربانا : ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ...» إلخ.
(٢) أخرجه مسلم في المساقاة ، حديث ٨٢.