من قبيل حجية ظواهر الكتاب ، أو من قبيل حجية الشهرة؟.
فقيل من ناحية : إنه من قبيل حجية الشهرة ، فهو خارج على كلا التصورين ، سواء أكان موضوع علم الأصول هو الأدلة الأربعة بما هي أدلة أربعة ، أو بما هي هي ، لأن الخبر الواحد هو موضوع المسألة ، والخبر الواحد هنا ليس كتابا ، ولا سنة ، ولا إجماعا ، ولا عقلا. إذن فمسألة حجية خبر الواحد كمسألة حجية الشهرة ، خارجة على كلا التصورين.
وقيل من ناحية أخرى : إنّ مسألة حجية خبر الواحد كمسألة حجية ظواهر الكتاب الكريم ، فإنه بناء على كون موضوع علم الأصول هو ذوات الأدلة ، فحينئذ يكون هذا بحث أيضا عن حجية الأدلة الأربعة بأحد العنايات الموجودة في بطون الكتب كالكفاية ، وغيرها. ولعلّ أشهر هذه العنايات هو توسيع نطاق السنة ـ بأن يقال : بأن المراد من السنة ما يشمل الخبر الحاكي ـ فحينئذ يكون البحث عن حجية الخبر بحثا عن حجية السنّة.
ويبقى فقط مباحث الألفاظ ، فإنها تدخل في موضوع علم الأصول ، التي موضوعها اللفظ ، من قبيل ـ صيغة افعل ـ فيبحث في أنها تقتضي الوجوب أو لا! فإذا فرض أن موضوع المسألة هو ـ صيغة افعل ـ الواردة في الكتاب والسنّة ـ حينئذ يقال : إنّ هذا كتاب ، هذا سنّة.
هذا خلاصة الاعتراض الذي اعترض به على كون الأدلة الأربعة موضوعا لعلم الأصول. فيتلخص من هذا الاعتراض : إنه إذا جعلت الأدلة الأربعة موضوعا لعلم الأصول ، فهذا لا يناسب ، لا مع بحث الأصول العملية على كلا التصورين ، ولا مع بحث الاستلزامات على كلا التصورين ، ولا مع بحث الحجج لبعض مباحث الحجج على كلا التصورين ، وبالنسبة إلى بعضها على أحد التصورين نعم قد يناسب مباحث الألفاظ فقط.